فتاة صالحة, عمرها عشرون عاما,عشرون عاما فقط محبّة للخير, همّها فقط دعوة زميلاتها, همّها بلغ بها أن تكون من فتايات الفردوس, فمنذ أن كانت في الثّانوية وبعد أن التحقت بالكلّية انظمّت إلى زميلاتها في المصلّى, أصبحت بينهنّنحلة طيّبة,تتسم بابتسامتها وجمال روحها بين أروقة الكلّية, حتّى أصبحت بمحبّتها وكأنّها عاملة مع العاملات وطالبة مع الطالبات, ومعيدة مع المعيدات, أحبّتها عميدة كلّيتها وكانت تتّصل عليها دوما وتستشيرها, كيف لا تحبّها وتستشيرها, وهي المباركة التي تحمل القرآن حفظا وتطبيقا, كيف لا تستشيرها وكلماتها تحرّك القلوب وتوقظ النّفوس, همّها منصرف للدّعوة, همّها كيف تهتدي هذه وكيف تتوب تلك,إن تكلّمت وعظت وذكّرت,وإن صمتت لا يزال لسانها رطب بترديد القرآن ومراجعته.. تقول والدتها,عجيبة ابنتي, عجيبة بنيّتي,والله كثيرا ما تأتي إلى البيت حزينة مهمومة لا تريد حتّى الغداء, أسألها وألحّ عليها ماذا بكِ فتقول ودموعها تسكب كلمتها, يا أمّي لا أدري ماذا أقول,فقد مرّ عليّ هذا اليوم في كلّيتي ولم تقبل عليّ ولا تائبة واحدة, ياله من همّ,تقول لا أدري هل هو من طريقتي مع زميلاتي الغافلات أم أنّ المنكرات أصبحت كثيرة ولم أستطع أن أسيطر عليها لوحدي, تقول والدتها بدأت أهوّن عليها, يا بنيّتي اصبري وسوف ترين أثر دعوتكِ ,اعلمي أن الله يهدي من يشاء فلا تيأسي من روح الله فقط اصبري يا بنيّتي, تقول والدتها والله ثمّ والله لا أبالغ إذا قلت لكم أن ابنتي ليست لنا, هي معنا في البيت, إنّما هي لله, همّها وتفكيرها,أوقاتها وكلماتها, كلّها لله وكيف ترضي الله, تقول لن أنسى تلك الليلة حيث لا أعلم مالذي أيقضني في الثّلث الأخير من الليل فإذا بي أسمع همسا في غرفة ابنتي, سمعت همسا فظننت أنّها نسيت أن تطفئ جهاز التّسجيل, فقد اعتادت أن لا تنام إلا على صوت القرآن, لكنّني ما إن دخلت حتى وجدتها واقفة قانتة لربّها رافعة يديها,كم تأثّرت والله, تأثرت ليس لوقوفها وصلاتها فهذه هي عادتها لكنّ الذي شدّني وأثر بي عندما سمعت دعاءها, سمعت ذلك الدّعاء الذي أبكاني, فقد كانت تردد وتبكي,أتدرون ماذا كانت تقول؟ أتدرون ماذا كان دعاؤها؟ كانت تقول ربّي إلاهي اجعلني سبب هداية زميلاتي وتوبتهنّ على يدي, يارب إن كنت لا أستحقّ أن أكون من الداعيات في كلّيتي فلا تؤخّر توبتهن بسبب ذنب أذنبته في حقّك.. لا إله إلاّ الله, هذه عائشة اليوم, هذه سميّة اليوم يا نساء, هذه سميّة فمن هي سميّة بينكنّ, أين هي عائشة بينكنّ؟؟ تقول والدتها تمرّ الأيام وفي العام الماضي تحديدا في العطلة الصّيفية, ونحن على سفر من مدينة إلى مدينة, وفي أثناء الطّريق, وهي في السّيارة في المقعد الخلفي, أخرجت مصحفها الصّغير الذي لا يفارقها, وبدأت تقرأ القرآن كعادتها تستغلّ وقتها,تقول ويقدّر الله عزّ وجلّ أن نتعرّض لحادث فتنحرف السّيارة وتنقلب, انقلبت السّيارة فقد جاء وعد الله, أنجانا الله جميعا إلاّ هي, إلاّ هي يبحثون عنها, فوجدوها ميّتة بوجه مبتسم,وهي ممسكة بمصحفها, والدّم يسيل على المصحف, وهي ممسكة به, تقول والدتها والله إنّ المصحف مايزال عندي أحتفظ به, وفيه آثار الدّم, هنيئا لها, هنيئا والله لمن سارت على نهج الصّالحات,هنيئا لمن تعلم أنّ الله معها ويراها, أنّ الله يراقب خطواتها وسكناتها وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً هنيئا لمن بعثت وهي حافظة للقرآن, هنيئا لمن بعثت وهي تحمل همّ الدعوة وتنادي لسلعة الرحمن, تأملي يا غافلة, ماتت وهي تقرأ القرآن, فأين التي تموت وهي تهذي بالألحان, أين أنتِ يا عائشة؟, أين أنتِ يا سميّة لترين الكثير من الأخوات والفتايات لترين هذه الأخت, لترين أخوات سرن على نهجك, وما كنتِ عليه, فنبشّركِ يا عائشة أنّ هناك من اتبع حياتك وخصالك وما تركتينا عليه
مشاهده:
537
|
أضاف:
ahmad
|
التاريخ:
21.01.2010
|
|